القائمة الرئيسية

الصفحات

شرح قصيدة بانت سعاد فقلبي اليوم متبول لكعب بن زهير


شرح قصيدة بانت سعاد فقلبي اليوم متبول : أعظم بردة في مدح الرسول لكعب بن زهير :

نقف بكم اليوم عند شاعر ليس ككل الشعراء ، وقصيدة ليست ككل القصائد ، بانت سعاد فقلبي اليوم متبول ، ذلك مطلع لأعظم قصيدة في مدح أعظم البشر سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام ، لشاعر الإسلام كعب بن زهير ( رضي الله عنه
هو كعب بن زهير بن أبي سلمى شاعر الحكمة الكبير ، نشأ في كنف أسرة يسري الشعر في عروقها ، فمكنه ذلك من أن يرث مجد أبيه ، بل يبلغ من الصيت ما جعل بعض النقاد يرون أنه تفوق على والده لولا إجلال الناس له وتعظيم قدره .
كبر كعب وأخوه بجير الذي عرف كذلك بإجادته للشعر ، فانتقلا يتبينان هذا الدين الجديد الذي عمّ الناس ، وصار يجري على ألسنتهم ، خصوصا وأن وصية أبيهم زهير كانت فيما روي أنه قال في آخر أيامه : ‘ يا بني !! إنه سينزل حبل من السماء فتمسكوا به . ‘
إسلام بجير وغضب كعب بن زهير
لما اقترب كعب وبجير من المدينة ، قال كعب لبجير : اذهب فالق هذا الرجل ( يقصد الرسول صلى الله عليه وسلم ) وانظر ما يقول ، لكن بجيرا تأخر ولم يعد ، ووصل كعب أن أخاه قد أسلم ، فغضب لذلك غضبا شديدا ، فبعث إليه بأبيات يلومه ويشتد في توبيخه ، ويقول :
ألا بلغا عني بجيرا رسالة * فويحك فيما قلت ويحك هل لكا
شربت مع المأمون كأسا روية * فأنهلك المأمون منها وعلّكا
وخالفت أسباب الهدى واتبعته * على أي شيء ويب غيرك دلكا
على خلق لم تلف أما ولا أبا * عليه ولم تدرك عليه أخا لكا
فإن أنت لم تفعل فلست بآسف * ولا قائل أما عثرت لعا لكا
/ يقصد بالمأمون هنا – النبي صلى الله عليه وسلم – ، و ويب كلمة يراد بها الهلاك .
فلما تلقى بجير هذه الأبيات ، كره أن يكتمها عن سيد الخلق وأشرفهم ، فأنشده إياها ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلام لما سمع ‘ سقاك بها المأمون ‘ : صدق والله وإنه لكذوب ، أنا المأمون .
فأرسل بجير إلى أخيه ردا على أبياته فقال :
من مبلغ كعبا فهل لك في التي * تلوم عليها باطلا وهي أحزم
إلى الله لا العزى ولا اللات وحده * فتنجو إذا كان النجاء وتسلم
لدى يوم لا ينجو وليس بمفلت * من الناس إلا طاهر القلب مسلم
فدين زهير وهو لا شيء دينه * ودين أبي سلمى عليَّ محرم
إهدار دم كعب بن زهير
طفق كعب بوثنيته يجول في الأرض يهجو المسلمين ويؤذيهم بشعره ، وكذلك نساء المسلمين ، فعلم الرسول الكريم بذلك فأهدر دمه ، فلم يبال كعب بذلك فأخذ يتحاشى المسلمين لكنه لم يقلع عن غيّه وعادته . كل ذلك والإسلام ينتشر في مشارق الأرض ومغاربها .
ووصل كعب خبر مقتل المشركين وشعرائهم في حنين وثقيف ، الذين كانوا يتعرضون للمسلمين ويؤذونهم ، فأدرك مدى قوة المسلمين وقائدهم عليه أزكى الصلاة والتسليم ، فأظلمت الدنيا في وجهه ، وعلم أنه مقتول لا محالة ، وأثناء ذلك وصلته بشرى الخير ، ورسالة من أخيه بجير يقول : أسرع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه لا يقتل من جاءه تائبا ، فإن لم تفعل فانج بحياتك في الأرض .
عند ذلك رق قلب كعب ، ووثق بعفو الصادق الأمين ، فنزل إلى المدينة مغامرا بنفسه ، فدخل إلى المسجد أين صلى النبي الكريم صلاة الصبح ، فتقدم إليه وقال : يا رسول الله ، أنا رسول كعب بن زهير إليك ، وإنه قد جاء تائبا مستمنا فهل أنت قابل منه ؟ قال : نعم ، فقال : يا رسول الله أنا كعب بن زهير .
وما أن سمع الحاضرون كعبا ينطق باسمه ، حتى وثب رجل من الأنصار يريد قتله ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ‘ دعه عنك ، فإنه قد جاء تائبا نازعا عما كان عليه ‘ . أما المهاجرون فقد سكتوا ولم يتعرضوا له ، الشيء الذي جعل كعب يخصهم بالمدح دون الأنصار في القصيدة التي سنعرضها .
شرح قصيدة بانت سعاد فقلبي اليوم متبول
لما أعلن كعب إسلامه ، وتلقى العفو الجميل من الرسول الكريم ، أنشد بين يديه قصيدة من أعظم ما مُدح به سيد الخلق عليه الصلاة والسلام ، فلم يحظ شعر في العالم بما حظيت به قصيدة بانت سعاد ، حيث اهتم بشرحها العلماء والشعراء والمسلمين كافة على مر عصورهم ، فشرحت وترجمت إلى عدة لغات ، وهي قصيدة لامية تقع في نحو 58 بيتا من البحر البسيط .
وقف كعب بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ممتدحا ومعتذرا ، فجادت قريحته – وهو الشاعر العبقري – بأروع الأبيات وأبهاها ، فقال في مطلعها :
بانَت سُعادُ فَقَلبي اليَومَ مَتبولُ * مُتَيَّمٌ إِثرَها لَم يُفدَ مَكبولُ
وَما سُعادُ غَداةَ البَينِ إِذ رَحَلوا * إِلّا أَغَنُّ غَضيضُ الطَرفِ مَكحولُ
هَيفاءُ مُقبِلَةً عَجزاءُ مُدبِرَةً * لا يُشتَكى قِصَرٌ مِنها وَلا طولُ
كعادة الشعراء العرب ابتدأ كعب قصيدته بمقدمة غزلية عفيفة ، ويعلق الأستاذ والأديب الباحث منذر شعار على هذه المقدمة قائلا : ‘ وقد بدأها بالغزل على عادة العرب ، وفي سماع رسول الله صلى الله عليه وسلم لذلك الغزل فقه ، فهو مباح في الإسلام سماعه إن كان بعيدا من مجون وشطط ولم يكن بامرأة معينة ‘ .
يبتدأ كعب قصيدته بذكر محبوبته التي يفترض هواها وحبها ، وما خلّفه رحيلها عنه من ألم ولوعة وشوق .
فَما تَدومُ عَلى حالٍ تَكونُ بِها * كَما تَلَوَّنُ في أَثوابِها الغولُ
تَجلو عَوارِضَ ذي ظَلمٍ إِذا اِبتَسَمَت * كَأَنَّهُ مُنهَلٌ بِالراحِ مَعلولُ
كَانَت مَواعيدُ عُرقوبٍ لَها مَثَلاً * وَما مَواعيدُها إِلّا الأَباطيلُ
تتمادى محبوبة كعب في هجرها وتنكرها له ، فكانت كعرقوب وهو رجل يضرب به المثل في الإخلاف بالوعود .
وصف الناقة
أَمسَت سُعادُ بِأَرضٍ لا يُبَلِّغُها * إِلّا العِتاقُ النَجيباتُ المَراسيلُ
وَلَن يُبَلِّغها إِلّا عُذافِرَةٌ * فيها عَلى الأَينِ إِرقالٌ وَتَبغيلُ
كَأَنَّ ما فاتَ عَينَيها وَمَذبَحَها * مِن خَطمِها وَمِن اللَحيَينِ بَرطيلُ
ينتقل كعب بعد ذلك إلى وصف الناقة ، وتلك كما أشرنا عادة عربية أصيلة اتخذها الشعراء الأقحاح كالفارس الأسود عنترة بن شداد ، هذه الناقة اتخذت من الصفات أجملها وأعظمها ، فهي عُذافرة أي الناقة الصلبة العظيمة ، التي تجوب الصحاري بكل قوة ونشاط ، ولا يثنيها عن ذلك أي حرّ أو شدة .
يَمشي القُرادُ عَلَيها ثُمَّ يُزلِقُهُ * مِنها لَبانٌ وَأَقرابٌ زَهاليلُ
يعني أن جلدها أملس لسمنه ، فلا تقف عليه الحشرات ، وذلك تصوير غاية في الدقة والإبداع من شاعرنا العبقري .
بعد ذلك ينتقل كعب إلى موضوع القصيدة الرئيسي وهو مدح رسول الله صلى الله عليه وسلم والاعتذار إليه :
عفو الرسول عند المقدرة
كُلُ اِبنِ أُنثى وَإِن طالَت سَلامَتُهُ * يَوماً عَلى آلَةٍ حَدباءَ مَحمولُ
أُنبِئتُ أَنَّ رَسولَ اللَهِ أَوعَدَني * وَالعَفُوُ عِندَ رَسولِ اللَهِ مَأمولُ
مَهلاً هَداكَ الَّذي أَعطاكَ نافِلَةَ ال * قُرآنِ فيها مَواعيظٌ وَتَفصيلُ
ما أروعها من كلمات تقطر حكمة وبلاغة ، تأمل سيدي الفاضل قول كعب بحقيقة الإنسان في هذه الدنيا الفانية ، والتي هي دار عيش مؤقت نهاية الإنسان فيها كفن ونعش يحمل فيه على الأكتاف ليشيّع إلى مثواه الأخير .
وبأسلوب غاية في الأدب والرقة ، يعتذر إلى خير الخلق ، وسيد العرب والعجم ، طالبا عفوه ، آملا في منّه وحلمه ، فهو صاحب الرسالة الهادية ، والقرآن المنزّل الشافي للصدور ، وقيل أن كعبا لما قال : وَالعَفُوُ عِندَ رَسولِ اللَهِ مَأمولُ ، قال النبي الكريم : ‘ العفو عند الله مأمول ‘ .
هيبته الشديدة صلى الله عليه وسلم
لَقَد أَقومُ مَقاماً لَو يَقومُ بِهِ * أَرى وَأَسمَعُ ما لَو يَسمَعُ الفيلُ
لَظَلَّ يُرعَدُ إِلّا أَن يَكونَ لَهُ * مِنَ الرَسولِ بِإِذنِ اللَهِ تَنويلُ
لَذاكَ أَهَيبُ عِندي إِذ أُكَلِّمُهُ * وَقيلَ إِنَّكَ مَسبورٌ وَمَسؤولُ
مِن ضَيغَمٍ مِن ضِراءَ الأُسدِ مُخدِرَةً * بِبَطنِ عَثَّرَ غيلٌ دونَهُ غيلُ
في وصف بليغ يصور كعب شدة خوفه من وعيد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبأن الفيل لعظمة جثته يرتعد من هيبة وعظمة النبي الكريم ، لكن نفسه ارتاحت وسكنت لما وضع يده بأطيب وأشرف يد ، فنال عفو سيد الخلق .
ذكر هدايته للبشر وشدته على الكفار
إِنَّ الرَسولَ لَنورٌ يُستَضاءُ بِهِ * مُهَنَّدٌ مِن سُيوفِ اللَهِ مَسلولُ
في عُصبَةٍ مِن قُرَيشٍ قالَ قائِلُهُم * بِبَطنِ مَكَّةَ لَمّا أَسَلَموا زولوا
زَالوا فَمازالَ أَنكاسٌ وَلا كُشُفٌ * عِندَ اللِقاءِ وَلا ميلٌ مَعازيلُ
وأي نور يضيء بعد نور النبي الهادي ، أعظم به من بيت ، وأعتبره بحق أجمل بيت في قصيدة كعب ، حتى أن الرسول أشار إلى أصحابه أن اسمعوا ، حين وصل كعب لهذه الأبيات ، فما أعذبها من أبيات ، وما أعظمه من سامع لهذه الأبيات .
مدح المهاجرين
شُمُّ العَرانينِ أَبطالٌ لَبوسُهُمُ * مِن نَسجِ داوُدَ في الهَيجا سَرابيلُ
بيضٌ سَوابِغُ قَد شُكَّت لَها حَلَقٌ * كَأَنَّها حَلَقُ القَفعاءِ مَجدولُ
يَمشون مَشيَ الجِمالِ الزُهرِ يَعصِمُهُم * ضَربٌ إِذا عَرَّدَ السودُ التَنابيلُ
مدح كعب المهاجرين بأحسن الأوصاف وقيم النبل والأخلاق ، فهم الذين هاجروا بدينهم وتحملوا ما تحملوا من مشقة وعناء ، وهم الأقوياء الشجعان ذوي الأصول الكريمة ، والهيبة المنيعة ، استحقوا شرف رفقة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
ولقد أشرنا فيما سبق أن كعبا غضب من الأنصار ولم يذكرهم ، بل تعرض لهم حين قال :
يَمشون مَشيَ الجِمالِ الزُهرِ يَعصِمُهُم * ضَربٌ إِذا عَرَّدَ السودُ التَنابيلُ
فأنكر عليه المهاجرون ذلك وقالوا : ‘ ما مدحنا من هجا الأنصار ! ‘ ، وفي رواية أخرى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له : ‘ ألا ذكرت الأنصار بخير ؟ فإن الأنصار لذلك أهل . ‘ . فخصص لهم كعب بعد ذلك قصيدة يمدحهم فيها حيث يقول :
مَن سَّرهُ كَرُمُ الحَياةِ فَلا يَزَل * في مِقنَبٍ مِن صالِحي الأَنصارِ
تَزِنُ الجِبالَ رَزانَةً أَحلامُهُم * وَأَكُفُّهم خَلَفٌ مِنَ الأَمطارِ
المُكرِهينَ السَمهَرِيِّ بِأَذرُعٍ * كَصَواقِلِ الهِندِيِّ غَيرِ قِصارِ
وَالناظِرينَ بِأَعيُنٍ مُحَمَرَّةٍ * كَالجَمرِ غَيرِ كَليلَةِ الإِبصارِ
فلما فرغ كعب من إنشاد قصيدته ، خلع النبي بردته الشريفة وأهداها لكعب ، وهذا تكريم ما بعده تكريم ، وتشريف ما بعده تشريف ، وهدية وليست ككل الهدايا ، ولهذا أطلق على هذه القصيدة اسم البردة ، والبردة في الأصل كساء كالعباءة إلا أنه من قماش غير قماشها ، وهي قريبة مما يسمى اليوم الجبة ، والعرب كانت تكافئ عالم الشعر والمادح بأن يخلع السيد شيئا من ثيابه النفيسة فيمنحها للمادح ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم أجدر أن يفعل ذلك ، فهو سيد الكونين والثقلين ، والفريقين من عرب ومن عجم .
الأساليب البلاغية في قصيدة بانت سعاد
القصيدة بأسرها تعتبر كنزا من الدرر البلاغية النفيسة ، فنحن أمام شاعر بدوي جاهلي أبا عن جد ، فُطم على الشعر كأبيه ، فإذا نظرنا إلى مقدمة القصيدة ، فقد نزل كعب عند عادة الجاهليين في الوقوف على الديار وذكر المحبوبة ، وكذلك وصف الناقة ليصل إلى غرض القصيدة الأساسي .
وفي ذلك يقول الأديب حنا الفاخوري : ‘ في مشهد سعاد غداة الرحيل نغمة شجية وصور شفافة على ما فيها من مادية جاهلية واستطراد تشبيهي . وكأني بالشاعر قد أراد أن يكون صناجة العرب كالأعشى ، فأنطق موسيقى ألفاظه بما أنشأ خياله من صور الجمال في العين والثغر ، ومن نشوة الراح في القلب والروح ، ومن برد الهناءة في الجوارح ‘ .
وهاهو يصل الشاعر إلى غرض القصيدة ، فقد شبه رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسيف ، والأسد المهاب ، وشبه نفسه كفيل عظيم ارتعد من هيبة الرسول الكريم ، كما برع في أسلوب الكناية عندما مدح المهاجرين ، حيث يصفهم بامتداد القامة ، وعظم الخلق ، وبياض البشرة ، والرفق في المشي ، وذلك دليل الوقار .
يَمشون مَشيَ الجِمالِ الزُهرِ يَعصِمُهُم * ضَربٌ إِذا عَرَّدَ السودُ التَنابيلُ
كذلك يصفهم بالصبر والشدة في الحروب ، وقلة اكتراثهم بأعدائهم ، فهم إذا غَلبوا لا يفرحون ، وإذا غُلبوا لا يجزعون .
لا يَفرَحونَ إِذا نالَت رِماحُهُمُ * قَوماً وَلَيسوا مَجازيعاً إِذا نيلوا
وضرب كعب الأمثال في قصيدته في ذكره لعرقوب ، والذي أشرنا إلى أنه رجل ضرب به المثل في إخلاف الوعد .
كَانَت مَواعيدُ عُرقوبٍ لَها مَثَلاً * وَما مَواعيدُها إِلّا الأَباطيلُ

نص القصيدة: 1 بانت سعاد فقلبي اليوم متبول *** متيم إثرها لم يجز مكبول 2 وما سعاد غداة البين إذ رحلوا *** إلا أغن غضيض الطرف مكحول 3 تجلو عوارض ذي ظلم إذا ابتسمت *** كأنه منهل بالراح معلول 4 شجت بذي شبم من ماء محنية *** صاف بأبطح أضحى وهو مشمول 5 تجلو الرياح القذى عنه وأفرطه *** من صوب سارية بيض يعاليل 6 يا ويحها خلة لو أنها صدقت *** ما وعدت أو لو ان النصح مقبول 7 لكنها خلة قد سيط من دمها *** فجع وولع وإخلاف وتبديل 8 فما تدوم على حال تكون بها *** كما تلون في أثوابها الغول 9 وما تمسك بالوصل الذي زعمت *** إلا كما تمسك الماء الغرابيل 10 كانت مواعيد عرقوب لها مثلا *** وما مواعيدها إلا الأباطيل 11 أرجو وآمل أن يعجلن في أبد *** وما لهن طوال الدهر تعجيل 12 فلا يغرنك ما منت وما وعدت *** إن الأماني والأحلام تضليل 13 أمست سعاد بأرض لا يبلغها *** إلا العتاق النجيبات المراسيل 14 ولن يبلغها إلا عذافرة *** فيها على الأين إرقال وتبغيل 15 من كل نضاخة الذفرى إذا عرقت *** عرضتها طامس الأعلام مجهول 16 ترمي الغيوب بعيني مفرد لهق *** إذا توقدت الحزان والميل 17 ضخم مقلدها فعم مقيدها *** في خلقها عن بنات الفحل تفضيل 18 حرف أخوها أبوها من مهجنة *** وعمها خالها قوداء شمليل 19 يمشي القراد عليها ثم يزلقه *** منها لبان وأقراب زهاليل 20 عيرانة قذفت في اللحم عن عرض *** مرفقها عن بنات الزور مفتول 21 كأن ما فات عينيها ومذبحها *** من خطمها ومن اللحيين برطيل 22 تمر مثل عسيب النخل ذا خصل *** في غارز لم تخونه الأحاليل 23 قنواء في حرتيها للبصير بها *** عتق مبين وفي الخدين تسهيل 24 تخدي على يسرات وهي لاحقة *** ذوابل وقعهن الأرض تحليل 25 سمر العجايات يتركن الحصى زيما *** لم يقهن رؤوس الأكم تنعيل 26 يوما يظل به الحرباء مصطخما *** كأن ضاحيه بالنار مملول 27 كأن أوب ذراعيها وقد عرقت *** وقد تلفع بالقور العساقيل 28 وقال للقوم حاديهم وقد جعلت *** ورق الجنادب يركضن الحصى : قيلوا 29 شد النهار ذراعا عيطل نصف *** قامت فجاوبها نكد مثاكيل 30 نواحة رخوة الضبعين ليس لها *** لما نعى بكرها الناعون معقول 31 تفري اللبان بكفيها ومدرعها *** مشقق عن تراقيها رعابيل 32 يسعى الوشاة بجنبيها وقولهم *** إنك يا بن أبي سلمى لمقتول 33 وقال كل خليل كنت آمله *** لا ألفينك إني عنك مشغول 34 فقلت خلوا طريقي لا أبا لكم *** فكل ما قدر الرحمن مفعول 35 كل ابن أنثى وإن طالت سلامته *** يوما على آلة حدباء محمول 36 أنبئت أن رسول الله أوعدني *** والعفو عند رسول الله مأمول 37 مهلا هداك الذي أعطاك نافلة الـ *** ـقرآن فيها مواعيظ وتفصيل 38 لا تأخذني بأقوال الوشاة ولم *** أذنب ولو كثرت عني الأقاويل 39 لقد أقوم مقاما لو يقوم به *** أرى وأسمع ما لو يسمع الفيل 40 لظل يرعد إلا أن يكون له *** من الرسول بإذن الله تنويل 41 حتى وضعت يميني لا أنازعه *** في كف ذي نقمات قيله القيل 42 لذاك أهيب عندي إذ أكلمه *** وقيل إنك مسبور ومسؤول 43 من ضيغم من ضراء الأسد مخدره *** ببطن عثر غيل دونه غيل 44 يغدو فيلحم ضرغامين عيشهما *** لحم من القوم معفور خراذيل 45 إذا يساور قرنا لا يحل له *** أن يترك القرن إلا وهو مفلول 46 منه تظل حمير الوحش ضامرة *** ولا تمشي بواديه الأراجيل 47 ولا يزال بواديه أخو ثقة *** مطرح البز والدرسان مأكول 48 إن الرسول لسيف يستضاء به *** مهند من سيوف الله مسلول 49 في عصبة من قريش قال قائلهم *** ببطن مكة لما أسلموا زولوا 50 زالوا فما زال أنكاس ولا كشف *** عند اللقاء ولا ميل معازيل 51 شم العرانين أبطال لبوسهم *** من نسج داود في الهيجا سرابيل 52 بيض سوابغ قد شكت لها حلق *** كأنها حلق القفعاء مجدول 53 يمشون مشي الجمال الزهر يعصمهم *** ضرب إذا عرد السود التنابيل 54 لا يفرحون إذا نالت رماحهم *** قوما وليسوا مجازيعا إذا نيلوا 55 لا يقع الطعن إلا في نحورهم *** ما إن لهم عن حياض الموت تهليل

_كعب بن زهير

تعليقات

تم الكشف عن مانع الإعلانات

الإعلانات تساعدنا في تمويل موقعنا، فالمرجو تعطيل مانع الإعلانات وساعدنا في تقديم محتوى حصري لك. شكرًا لك على الدعم - تى جو