القائمة الرئيسية

الصفحات

تحليل قصيدة "لا شيء يعجبني"

تحليل القصيدة :

 عنوان القصيدة فيه من السوداوية واليأس نوعاً ما، ويوحي للقارئ عن نوع المشاعر الواردة بالقصيدة.

وبدأ درويش قصيدته:
"لا شيءَ يُعْجبُني"
يقول مسافرٌ في الباصِ – لا الراديو
ولا صُحُفُ الصباح، ولا القلاعُ على التلال.
أُريد أن أبكي
بدأها بجملة بسيطة لكن تحمل معنى معبر، وهي على لسان مجهول في الباص، يبدو أنه سأم من الحياة، فيعبر بسوداوية عن عدم إعجابه بأي شيء داخل الباص وخارجه.
وبالرغم من أن الصحف والراديو هم أصحاب الناس في السفر، ويجعلهم يشعرون بمرور الوقت بسرعة، إلا أن هذا المسافر لا يعجبه أيضاً ذلك.
ويعبر المسافر عن رغبته بالبكاء، يبدو أنه يحمل الكثير من المتاعب في هذه الحياة، مما جعله ينظر إلى الدنيا بسوداوية.
ورد السائق على المسافر بتهكم:
يقول السائقُ انتظرِ الوصولَ إلى المحطَة
وتظهر هنا براعة درويش، فكسر توقعات القارئ، برد السائق القاسي، كأن السائق يحمل من الهموم ما يكفيه، وكلام المسافر أتى كتذكير لكل الركاب والسائق بمآسي حياتهم، فالطاقة السلبية تنتقل من شخص لآخر.
الجملة الافتتاحية بالقصيدة جذبت انتباه كل من في الباص، مع أنها قد تكون جملة عابرة من مسافر يائس، لكنها أيقظت مشاعر الركاب.
وبعد السائق قالت سيدة:
تقول سيّدةٌ: أَنا أَيضاً. أنا لا
شيءَ يُعْجبُني. دَلَلْتُ اُبني على قبري،
فأعْجَبَهُ ونامَ، ولم يُوَدِّعْني
كما قلت سابقاً فقد أيقظ المسافر آلم الركاب، كأن هذه السيدة كان لها ابن وفقدته بفاجعة ولم تستطيع توديعه، فعبرت السيدة أيضاً بعدم إعجابها بشيء حولها كأن الحياة بعد غياب ابنها أصبحت سواداً.
يقول الجامعيُّ: ولا أَنا، لا شيءَ
يعجبني. دَرَسْتُ الأركيولوجيا دون أَن
أَجِدَ الهُوِيَّةَ في الحجارة. هل أنا
حقاً أَنا؟
وهنا تتسع دائرة المؤيدين، فالشاب الجامعي لا يعجبه شيء أيضاً، ولكن احتجاجه كان بالصميم فهو يتحدث عن الهوية، وهي أكثر الأمور حساسية للفلسطينيين سواء كانوا مقيمون في البلاد أو خارجها، وخرج الجامعي بسؤال وجودي يتسائل فيه عن نفسه "هل أنا حقاً أنا؟".
ويأتي بعد ذلك البطل الرابع في القصيدة وهو جندي، ونرى أن درويش قصد ذكر ركاب من مختلف فئات المجتمع، أي أنه بالرغم من تفاوت حالتهم الاجتماعية إلا أنهم اجتمعوا على أن لا شيء يعجبهم.
ويقول جنديٌّ: أَنا أَيضاً. أَنا لا
شيءَ يُعْجبُني. أُحاصِرُ دائماً شَبَحاً
يُحاصِرُني
وعلى الرغم من أن الجندي وظيفته حماية النظام، ولا يتوقع منه تأييد الركاب في حالة عدم الإعجاب، إلا أنه أيَّدهُم وهذا يوضح حال الجنود في البلاد العربية، وربما المقصد من الشبح الاحتلال، فهو يجب أن يدافع عن البلاد لكن الاحتلال يحاصره.
وأكمل درويش الحوار السائد بين الركاب والسائق:
يقولُ السائقُ العصبيُّ: ها نحن
اقتربنا من محطتنا الأخيرة، فاستعدوا
للنزول...
فيصرخون: نريدُ ما بَعْدَ المحطَّةِ،
فانطلق!
تعمَّد درويش من ذكر صفة السائق أنه عصبي، ومن الواضح أنه من النوع الذي لا يحتمل الركاب، وهنا تعارضت مشيئة الركاب والسائق، فهو يريد أن ينزلهم في المحطة الأخيرة ولكنهم يصرخون ويعترضون لأنهم يريدون ما بعدها، ونجد هنا الجماعة ضد الواحد المتحكم بهم.
ويأتي أخيراً دور الشاعر:
أمَّا أنا فأقولُ: أنْزِلْني هنا. أنا
مثلهم لا شيء يعجبني، ولكني تعبتُ
من السِّفَرْ.
وعلى الرغم من تأييد الشاعر لهم، لكن رأيه كان مختلف، وطلب من السائق إنزاله، دون أن يبدو خائناً لإرادة الركاب، فقال أن لا شيء يعجبه هو أيضاً لكنه تعب وأرهق من السفر.
المقصود من الباص في القصيدة الوطن، فالوطن فيه من جميع الفئات المختلفة، والقصد من جملة " لا شيء يعجبني" المظاهرات والاعتراضات لتغيير النظام، فأول شخص يطلقها لا يكون مدركاً لأبعادها.
والسائق كان بمعنى القائد العصبي والمتحكم، الذي لا يتقبل ما يطالب به الركاب، فالوطن يجتمع فيه الجميع الجامعي والسيدة والجندي وغيرهم.

تعليقات

تم الكشف عن مانع الإعلانات

الإعلانات تساعدنا في تمويل موقعنا، فالمرجو تعطيل مانع الإعلانات وساعدنا في تقديم محتوى حصري لك. شكرًا لك على الدعم - تى جو