التعريف بها :
مدرسة الديوان هي حركة تجديدية في الشعر العربي ظهرت في النصف الأول من القرن العشرين على يد عباس محمود العقاد وإبراهيم المازني وعبد الرحمن شكري. سميت بهذا الاسم نسبة إلى كتاب ألفه العقاد والمازني وضعا فيه مبادئ مدرستهم واسمه "الديوان في الأدب والنقد". حُددت أهداف المدرسة كما يقول العقاد في الديوان: «وأوجز ما نصف به عملنا إن أفلحنا فيه أنه إقامة حد بين عهدين لم يبق مال يسوغ اتصالهما والاختلاط بينهما، وأقرب ما نميز به مذهبنا أنه مذهب إنساني مصري عربي».
مما تدعو إليه المدرسة التمرد على الأساليب القديمة المتبعة في الشعر العربي سواء في الشكل أو المضمون أو البناء أو اللغة.
نهجت هذه المدرسة النهج الرومانسي في شعرها ومن أبرز سمات هذه المدرسة:
* الدعوة إلى التجديد الشعري في الموضوعات
* الاستفادة من الأدب الغربي
* الاطلاع على الشعر العربي القديم
* الاستعانة بمدرسة التحليل النفسي
* الاتجاه إلى الشعر الوجداني
النشأة :
تكونت من الشعراء الثلاثة (العقاد، المازني، شكري)، الذين كانوا متأثرين بالرومانسية في الأدب الإنجليزي، ولديهم اعتزاز شديد بالثقافة العربية. وسميت مدرسة الديوان بهذا الاسم نسبة إلى كتابهم (الديوان في الأدب والنقد) الذي أصدره العقاد والمازني سنة 1921 فسمى الثلاثة (جماعة الديوان، أو شعراء الديوان، أو مدرسة الديوان)، والواقع أن آرائهم الشعرية قد ظهرت قبل ذلك منذ عام 1909، وقد نظر هؤلاء إلى الشعر نظرةً تختلف عن شعراء مدرسة الإحياء، فعبروا عن ذواتهم وعواطفهم، وما ساد عصرهم، ودعوا إلى التحرر من الاستعمار وتحمُّل المسئولية، فهاجموا الإحيائيين، وفي مقدمتهم (شوقي وحافظ والرافعي).
اتجاهها :
اتجه رواد هذه المدرسة إلى التجديد عندما وجدوا أنفسهم يمثلون الشباب العربي وهو يمر بأزمة فرضها الاستعمار علي الوطن العربي الذي نشر الفوضى والجهل بين أبنائه في محاولة منه لتحطيم الشخصية العربية الإسلامية. عندئذ تصادمت آمالهم الجميلة مع الواقع الأليم الذي لا يستطيعون تغييره فحدث ما يأتي لهم :
• الهروب من عالم الواقع إلى عالم الأحلام.
• الفرار إلى الطبيعة ليبثوا لها آمالهم الضائعة.
• التأمل في الكون والتعمق في أسرار الوجود.
• وكانوا يهتمون بالموضوعات الفدائية والقصائد التي تمثل فيها
من أعلام مدرسة الديوان:
أ)المازني:
كان المازني من رواد الأدب الجديد وأعلامه ، ويقترن أسمه باسمي زميليه: شكري والعقاد، وثلاثتهم يكونون مدرسة جديد تدعى مدرسة شعراء الديوان ، وقد جمعت الزمالة في ( المعلمين العليا) بين المازني وعبد الرحمن شكري، وربطت بينهما بصلات وثيقة، وكتب الثلاثة يبشرون بشعر جديد، مهد للدعوة إليه قبلهم مطران، وآزرهم غي الكفاح من أجله أبو شادي.
وحدثت بين مدرسة شعراء الديوان ومدرسة شوقي وحافظ معارك نقدية ظهر فيها عام 1915 كتاب للمازني في نقد شعر حافظ عنوانه ( شعر حافظ) وأعلن شكري بعد ذلك انفصاله عن زميليه ، وثارت الخصومة بين ثلاثتهم، وأخذ شكري يعيب على المازني انتحاله لبعض الأشعار الانجليزية .
وفي عام 1921أصدر المازني والعقاد كتاب ( الديوان) في جزأين ينقدان شوقيا وحافظا، ونقد المازني فيه المنفلوطي، كما نقد شكري بعد أن مدحه في مقدمة كتاب (شعر حافظ) .
ويؤمن أصحاب مدرسة الديوان بأن الشعر يجب أن يكون تعبيراً عن وجدان الشاعر وحياته الباطنية، وصادر عن نفس الشاعر وطبعه، والشعر عندهم تغلب عليه النزعة الوجدانية ، بينما تغلب عليه عند مطران ومدرسته النزعة الموضوعية. وأساس الحكم بعظمة شاعر عند شعراء الديوان هو ظهور شخصية الشاعر وصدقه في الإحساس والتعبير.
وقد بدأ المازني حياته الأدبية شاعراً، ينظم الشعر يصور فيه أحزانه النفسية وهمومه وآلامه وذكرياته وأحداث الطور الأول من حياته، وقد تأثر بالشعراء العرب ولا سيما العباسيين كابن الرومي.
والمازني الناقد كان واضح الأثر في تطور حركة النقد في أدبنا المعاصر. وتبدو آراؤه النقدية في الديوان بجزئيه، الذي اشترك فيه مع العقاد في الحملة على شوقي وحافظ، وهاجم المنفلوطي وشكري.
ويأخذ المازني على شعراء المدرسة المحافظة تفكك الوحدة الموضوعية في قصائدهم ، وإغراقهم في شعر المناسبات وتقليدهم للقدماء، وهو يدعو إلى رومانسية الموضوع ورمزية التعبير الشعري، وإلى صدق في الإحساس والأداء في كتابه ( الشعر: غاياته ووسائطه) .
ب) شكري:
كان شكري من رواد المدرسة الحديثة في الشعر العربي، وهي المدرسة التي خلفت المدرسة القديمة التي تمثلت في شوقي وحافظ وأضاربهما.
وقد تعارف شكري والمازني في دار المعلمين العليا، ثم تعرف بالعقاد، وعرف به شكري، وجمعت ثلاثتهم روابط الأدب وصلات الشعر، والدعوة إلى المذهب الجديد.
كتب شوقي عام 1916 في الجزء الخامس من ديوانه ينقد المازني ويعيب عله سرقاته الشعرية من الشعر الغربي، وتبادلا النقد على صفحات جريدة النظام، ونقد شكري المازني والعقاد على صفحات عكاظ في مقالات نشرها عام 1919و1920ونقد المازني شكري في كتاب الديوان، الذي ظهر عام 1921وسماه صنم الألاعيب، ورماه بالشعوذة والجنون.
وشكري يتمثل تجديده في ديوانه الذي ظهر الجزء الأول منه (ضوء الفجر) 1909وأعيد طبعه 1914ثم ظهر الجزء الثاني منه (لآلي الأفكار) والثالث ( أناشيد الصبا) والرابع( زهر الربيع) والخامس (خطرات) عام 1916 والسادس (الأفنان) عام 1918والسابع (أزهار الخريف) عام 1919ثم أعيد طبع الديوان في مجلد بعد وفاة شكري وأضيف إلى الأجزاء السبعة جزء ثامن جمع فيه شعره منذ عام 1919 حتى وفاة الشاعر.
ج) العقاد:
عبقري موهوب، وأديب مفكر، وناقد ذكي،وكاتب عصامي وإمام من أئمة الأدب والشعر في العالم العربي، كان شاعراً مجدد يجمع بين قوة العاطفة وعمق الفكرة.
ظهرفي سنة 1913الجزء الثاني من ديوان عبد الرحمن شكري وفيه مقدمة قيمة بقلم الأستاذ العقاد عن الشعر ومزياه، وفي عام 1914 ظهر الجزء الأول من ديوان المازني ، وفيه مقدمة رائعة للعقاد عنوانها( الطبع والتقليد).
وفي سنة 1916كان قد ظهر الجزء الأول من ديوان العقاد الذي أسماه في الطبعات التالية ( يقظة الصباح) وقد امتازت قصائد هذا الديوان بما يسميه العقاد الوحدة العضوية ، فكانت القصيدة تقوم على موضوع واحد تتناوله من شتى نواحيه ، في وحدة مسلسة ، وترابط يكاد يكون منطقياً .
وكان في العقاد حدس الشاعر ورفاهة حسه ودقة ملاحظة للعالم وقدرته على التحليل والتعليل وعمق الفيلسوف ونفاذ نظراته وسعة إحاطته، وكان العقاد يلتزم القصد في حياته ويتحرى الاعتدال فيعيش في كتبه ومطالعاته .
كان العقاد مولعاً بالتجديد والإبداع والابتكار وقد دفعه هذا الولع إلى الإسهام في خلق مدرسة شعرية وكذلك مدرسة شعراء الديوان تعد أساساً للأدب الرومانسي في الأدب العربي.
أهم بواعث هذه المدرسة في نظم الشعر هي ، الحب ، صدق العاطفة، الطبيعة، تحبيب القيم المعنوية ، الاعتزاز بالنفس، تخليد مظاهر البطولة، الخواطر والتأملات.
كان العقاد يتناول الأغراض الشعرية المتنوعة ولكنه كان يبدع في الوصف، وإبراز عواطف الحب الكامنة في نفسه، وإبداع العاطفة التي اقتبسها من تجاربه وثقافته الواسعة.
الخصائص الفنية لجماعة الديوان :
• الجمع بين الثقافة العربية والإنجليزية.
• التطلع إلى المثل العليا والطموح.
• الشعر عندهم تعبير عن النفس الإنسانية وما يتصل بها من التأملات الفكرية والفلسفية.
• وضوح الجانب الفكري عندهم مما جعل الفكر يطغي علي العاطفة.
• لبست رداء الدهر عشرين حــــجة وثنتين يا شوقي علي خلع ذا البرد عزوفا عن الدنيا ومن لم يجد به مرادا لامــــاله تعلل بالزهـــــد .
• التأمل في الكون والتعمق في أسـرار الوجـود.
• القصيدة عندهم كائن حي كالجسم لكل عضو وظيفته.
• الوحدة العضوية المتمثلة في وحدة الموضوع ووحدة الجو النفسي.
• الصدق في التعبير والبعد عن المبالغات.
• استخدام لغة العصر.
• ظهور مسحة من الحزن والألم والتشاؤم واليأس في شعرهم.
• عدم الاهتمام بوحدة الوزن والقافية منعاً للملل والدعوة إلى الشعر المرسل
• الاهتمام بوضع عنوان للقصيدة ووضع عنوان للديوان ليدل علي الإطار العام لمحتواها.
• التجديد في الموضوعات غير المألوفة مثل (رجل المرور/ الكواء).
• استخدام طريقة الحكاية في عرض الأفكار والآمال.
مفهوم الشعر عند جماعة الديوان :
مفهوم الشعر عند جماعة الديوان أن الشعر تعبير عن الحياة كما يحسها الشاعر من خلال وجدانه ؛ فليس منه شعر المناسبات والمجاملات، ولا شعر الوصف الخالي من الشعور، ولا شعر الذين ينظرون إلى الخلف ويعيشون في ظلال القديم، ويعارضون القدماء عجزا عن التجديد والابتكار، بينما الشعر الجيد هو ذلك الذي يقوله هؤلاء الشبان الذين ينظرون إلى الأمام معبرين عن ذواتهم وعواطفهم، وما يسود عصرهم من أحداث ومشكلات.
ويميل شعرهم إلى الجفاف بسبب طغيان (زيادة) الجانب الفكري عندهم علي الجانب العاطفي.
تعليقات
إرسال تعليق
أترك تعليقا إذا كان عندك أي استفسار